انقلاب ميانمار: الشرطة تتهم أونغ سان سو تشي بخرق قوانين الاستيراد وحيازة أجهزة غير قانونية

لا تزال سو تشي قيد الإقامة الجبرية.

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، لا تزال سو تشي قيد الإقامة الجبرية.

وجهت الشرطة في ميانمار عدة اتهامات إلى الزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي بعد يومين من الانقلاب العسكري.

وتظهر وثائق للشرطة أنها قيد الحبس الاحتياطي حتى 15 فبراير/شباط..

وتشمل التهم خرق قوانين الاستيراد والتصدير، وحيازة أجهزة اتصال غير قانونية.

ولا يزال مكان وجود سو تشي غير معروف، لكن أنباء أفادت باحتجازها في مقر إقامتها في العاصمة ناي بي تاو.

وأظهرت الوثائق أن تهما وجهت أيضا للرئيس المخلوع، وين مينت، من بينها انتهاك قواعد حظر التجمعات أثناء وباء كوفيد. كما حبس احتياطيا لمدة أسبوعين.

ولم يسمع أي شيء عن الرئيس ولا عن سو تشي، منذ استيلاء الجيش على السلطة في الساعات الأولى من يوم 1 فبراير/شباط.

ما هي تفاصيل التهم؟

وردت الاتهامات في وثيقة للشرطة، عرفت بالتقرير المبدئي الأول، وقدمت إلى المحكمة.

وثيقة الشرطة التي كتبت فيها التهم الموجهة إلى سان سو تشي.

صدر الصورة، Myanmar police

التعليق على الصورة، وثيقة الشرطة التي كتبت فيها التهم الموجهة إلى سان سو تشي.

وتقول الوثيقة إن سو تشي استوردت بشكل غير قانوني معدات اتصالات، وأجهزة اتصال لاسلكية، واستخدمتها، ووجدت في منزلها في ناي بي تاو.

وجاء في الوثيقة أنها حبست احتياطيا حتى "استجواب الشهود وطلب الأدلة والاستعانة بمستشار قانوني بعد استجواب المدعى عليه".

واتهم وين مينت بموجب القانون الوطني لإدارة الكوارث بمقابلة أنصاره في موكب من 220 سيارة خلال الحملة الانتخابية في انتهاك لقيود كوفيد.

وتبدو تلك التهم بالنظر إلى خطورة استيلاء الجيش على السلطة بدعوى أن الوحدة الوطنية في ميانمار كانت على المحك، وبعد عاصفة الإدانة الدولية التي تلت ذلك، تافهة بشكل هزلي، كما يقول مراسلنا في جنوب شرق آسيا جوناثان هيد.

ويضيف المراسل أنها قد تكون كافية لتأمين هدف الجيش المتمثل في منع أونغ سان سو تشي من تولي أي منصب سياسي، لأن أعضاء البرلمان لا يمكن أن يصح أن تكون في سجلاتهم أي إدانات جنائية.

دعوات إلى العصيان المدني

كان أنصار زعيمة ميانمار المعزولة قد دعوا إلى شن حملة عصيان مدني على الحكومة العسكرية التي استولت على السلطة الاثنين.

سان سو تشي حضرت اجتماعا مع الصينيين في سبتمبر/أيلول.

صدر الصورة، Getty Images

وأعلن العديد من الأطباء والعاملين في المجال الطبي أنهم لن يتعاونوا مع السلطات العسكرية، وبدأ سكان العاصمة التجارية يانغون في إظهار التحدي من خلال إطلاق أبواق السيارات وطرق الأواني ليلا.

وتحكم البلاد الآن لجنة عسكرية مؤلفة من 11 عضوا.

وبدأ الجيش في إطلاق سراح بعض السياسيين المدنيين، لكنه لم يفرج عن سو تشي، المحتجزة في منزلها.

ونددت مجموعة الدول الصناعية السبعة الكبرى بالانقلاب.

وأعاقت الصين الثلاثاء جهود مجلس الأمن الدولي لإصدار بيان مشترك يدين الاستيلاء العسكري على السلطة في ميانمار.

ماذا حدث في ميانمار؟

استولى الجيش على السلطة في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا الاثنين، بعد اعتقال الزعيمة السياسية أونغ سان سو تشي ومئات من أعضاء البرلمان الآخرين.

الطاقم الطبي في مستشفى يانغون العام يضعون شارة حمراء احتجاجا.

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، الطاقم الطبي في مستشفى يانغون العام يضعون شارة حمراء احتجاجا.

وشكل قادة الانقلاب منذ ذلك الحين مجلسا أعلى يهيمن على مجلس الوزراء.

لكن أخذت علامات المقاومة والعصيان المدني تتنامى في يانغون، كبرى مدن ميانمار.

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك

الحلقات

يستحق الانتباه نهاية

وتوقف الأطباء وموظفو الصحة في عشرات المستشفيات في جميع أنحاء البلاد عن العمل احتجاجا على الانقلاب وللضغط من أجل إطلاق سراح سو تشي.

واجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الثلاثاء، لكنه لم يتفق على بيان مشترك بعد أن اعترضت الصين، التي تتمتع بحق النقض كواحدة من خمسة أعضاء دائمين في المجلس.

وقبيل المحادثات، أدانت المبعوثة الخاصة للأمم المتحدة بشأن ميانمار، كريستين شرانر، بشدة الانقلاب العسكري الذي جاء بعد رفض الجيش قبول نتائج الانتخابات العامة التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني.

وقالت إنه من الواضح أن "نتيجة الانتخابات الأخيرة كانت نصرا ساحقا" لحزب سو تشي.

وقالت مجموعة الدول السبع الكبرى في انتقادات أخرى إنها "قلقة للغاية" ودعت إلى عودة الديمقراطية.

وقال البيان الذي صدر في لندن "ندعو الجيش إلى الإنهاء الفوري لحالة الطوارئ، وإعادة السلطة للحكومة المنتخبة ديمقراطيا، والإفراج عن جميع المعتقلين ظلما، واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون".

وتضم مجموعة الدول السبعة، كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة.

لماذا عرقلت الصين تحرك الأمم المتحدة؟

حذرت الصين منذ الانقلاب من أن العقوبات أو الضغوط الدولية لن تؤدي إلا إلى تفاقم الأمور في ميانمار.

لا يزال السياسيون المعزولون معتقلين تحت الحراسة.

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، لا يزال السياسيون المعزولون معتقلين تحت الحراسة.

وأدت بكين دورا مهما في حماية ميانمار من التمحيص الدولي.

فقد حمت ميانمار، إلى جانب روسيا، مرارا وتكرارا من الانتقادات في الأمم المتحدة بشأن الحملة العسكرية على الأقلية المسلمة من الروهينجا.

وقال سيباستيان سترانجيو، المؤلف والمحرر في قسم جنوب شرق آسيا في مجلة "الدبلوماسي" لبي بي سي إن "موقف بكين من الوضع يتفق مع شكوكها العامة في التدخل الدولي".

وبينما تستفيد الصين استراتيجيا من اغتراب ميانمار عن الغرب، فإن هذا - كما يقول سترانجيو - لا يعني أن بكين راضية عن الانقلاب.

وأضاف: "كان لديهم ترتيب جيد جدا مع الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، واستثمروا الكثير في بناء علاقة مع أونغ سان سو تشي. وعودة الجيش تعني في الواقع أنه يتعين على الصين الآن التعامل مع المؤسسة في ميانمار التي تعتبر تاريخيا أكثر المؤسسات تشككا في نوايا الصين".

وقال إليوت براس فريمان الخبير في ميانمار في جامعة سنغافورة الوطنية، لبي بي سي: "يبدو أن الصين تشير إلى دعمها ضمنيا، إن لم يكن تأييدها المؤكد، لأفعال الجنرالات".

وأضاف: "يبدو أن الصين تتقدم وكأن هذه "قضية داخلية" في ميانمار، وأن ما حدث هو "تعديل وزاري"، كما قالت وسائل الإعلام الصينية الحكومية".

ويعتقد إليوت أن بيان الأمم المتحدة، الذي أعاقته الصين، لم يكن ليحدث فرقا فوريا، إلا أنه سيظل بمثابة "خطوة أولى لتوحيد الاستجابة الدولية. ويبدو أن ذلك لن يحدث".

أين أونغ سان سو تشي؟

لم تُر أونغ سان سو تشي، التي قادت الحكومة المنتخبة المخلوعة الآن، منذ أن احتجزها الجيش صباح الاثنين.

المحتجزون

ولا يزال العشرات محتجزين، بمن فيهم الرئيس وين مينت، وأعضاء اللجنة المركزية لحزبها ومحاميها الشخصي. وورد أنهم محتجزون رهن الإقامة الجبرية.

وطالبت الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية الثلاثاء بالإفراج الفوري عن سو تشي. كما دعت الجيش إلى قبول نتائج انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، التي فازت فيها الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بأكثر من 80 في المئة من الأصوات.

وقالت الولايات المتحدة، من ناحية أخرى، إنها لم تنجح في الاتصال بجيش ميانمار، وأعلنت رسميا أن الاستيلاء على السلطة كان انقلابا. ويعني هذا أن واشنطن لا تستطيع مساعدة الحكومة بشكل مباشر، على الرغم من أن معظم مساعداتها تذهب إلى منظمات غير حكومية.

وأدان الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأستراليا ودول أخرى عملية الاستحواذ على السلطة.

وظلت ميانمار، المعروفة أيضا باسم بورما، تحت حكم القوات المسلحة حتى عام 2011 ، عندما أدت حكومة مدنية اسميا اليمين لتولي السلطة.

ما هو الوضع في ميانمار؟

سلمت السلطة إلى القائد العام للقوات المسلحة مين أونغ هلاينغ. واستبدل 11 وزيرا ونائبا، من بينهم وزراء المالية والصحة والداخلية والخارجية.

وكرر أونغ هلاينغ في أول اجتماع لمجلس وزرائه الثلاثاء القول بأن الاستيلاء على السلطة كان "حتميا".

وساد الهدوء البلاد في أعقاب الانقلاب، حيث قامت القوات بدوريات في جميع المدن الرئيسية وفرض حظر تجول ليلي.

ولدى ميانمار تاريخ طويل من الحكم العسكري، ولا يزال كثير من الناس يتذكرون رعب الانقلابات السابقة.

لكن سمع دوي أبواق السيارات وطرق أواني الطهي مساء الثلاثاء في شوارع يانغون في إشارة إلى الاحتجاج.

ودعت مجموعات ناشطة إلى حملات عصيان مدني، وإنشاء مجموعة على فيسبوك لتنظيم جهودهم.

وابتعد العاملون في 70 مستشفى وقسما طبيا في جميع أنحاء البلاد، بحسب ما ورد، عن جميع الأعمال غير المتعلقة بالطوارئ.

وشارك المئات من العاملين في مجال الرعاية الصحية، من بينهم كبار الأطباء، في "حركة الشريط الأحمر"، إذ ارتدى الكثير منهم شريطة حمراء على ملابسهم لإظهار معارضتهم للانقلاب.

وغير كثيرون عبر الإنترنت صور ملفاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي إلى واحدة من اللون الأحمر فقط.

ويرتدي بعض المسعفين أيضا رموزا، مثل شرائط سوداء في احتجاج صامت.

ميانمار في لمحة

ميانمار بلد يبلغ تعداد سكانه 54 مليون نسمة في جنوب شرق آسيا ويشترك في الحدود مع بنغلاديش والهند والصين وتايلاند ولاوس.

خارطة ميانمار

وحكمتها حكومة عسكرية قمعية من عام 1962 إلى عام 2011، مما أدى إلى إدانة دولية وفرض عقوبات.

وأمضت أونغ سان سو تشي سنوات في حملتها من أجل الإصلاحات الديمقراطية. وبدأ التحرير التدريجي في عام 2010، على الرغم من احتفاظ الجيش بنفوذ كبير.

ووصلت حكومة بقيادة سو تشي إلى السلطة، بعد انتخابات حرة في عام 2015. لكن حملة عسكرية قاتلة بعد ذلك بعامين على مسلمي الروهينجا أدت إلى فرار مئات الآلاف إلى بنغلاديش وأثارت شرخا بين سو تشي والمجتمع الدولي.

ولكنها ظلت تحظى بشعبية في الداخل وفاز حزبها مرة أخرى بأغلبية ساحقة في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2020. لكن الجيش تدخل الآن للسيطرة على البلاد مرة أخرى.