المنطقة العازلة في سيناء: ضرورة أمنية أم اخلاء قسري؟

تتم عملية الإخلاء بعمق 500 متر من الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، وسيجري إخلاء نحو 680 منزلا خلال هذه المرحلة

صدر الصورة، Getty

التعليق على الصورة، تتم عملية الإخلاء بعمق 500 متر من الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، وسيجري إخلاء نحو 680 منزلا خلال هذه المرحلة

بعد هجمات "ارهابية" في سيناء أدوت بحياة الكثيرين من رجال القوات المسلحة والشرطة والمدنيين، لجأت السلطات المصرية إلى استراتيجية أمنية جديدة، أبرز معالمها اقامة شريط عازل على الحدود المصرية مع قطاع غزة. الأمر الذي تطلب هدم عدد من المنازل في المنطقة ونقل سكانها إلى مناطق أخرى.

البعض سمى هذا القرار بالتهجير القسري للسكان بينما يراه آخرون ضرورة أمنية مقبولة لمواجهة موجة "ارهابية" أودت بحياة الكثيرين خاصة في ظل تعويض السكان عن منازلهم.

يقول اللواء عادل سليمان، مدير منتدى الحوار الاستراتيجي والباحث في الشؤون السياسية والعسكرية، لبي بي سي "هناك خلط في المفاهيم والمصطلحات فيما يتعلق بما يجري في سيناء. هذه ليست عمليات تهجير، كما أنها ليست منطقة عازلة، ولكن هناك شريطا حدوديا بامتداد 13 كيلو مترا أصبح مضطربا ويحتاج لضبط أمني".

وأضاف "ما يجري هو إخلاء هذا الشريط الحدودي بعمق لا يتجاوز 300 إلى 400 متر على الأكثر يضم مجموعة من المساكن تصل لنحو 600 منزل".

يأتي ذلك ضمن ما اسمته السلطات استراتيجية جديدة لمواجهة "الارهاب" بعد مصرع 31 عسكريا واصابة 30 آخرين في هجومين في شمال سيناء.

وتقول السلطات إنها تسعى بتصرفها هذا إلى السيطرة على الوضع الأمني وتجفيف ما وصفته بـ "منابع الإرهاب".

وتشمل الخطة الأمنية التي أعلنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أيام نقل نحو 250 أسرة وإزالة نحو 680 منزلا في رفح المصرية في إطار قرار السلطة بإقامة شريط عازل على الحدود مع غزة يمتد لمسافة 13 كيلو مترا.

ومن المقرر أن تزيل السلطات ما بقى من نحو 200 منزل كانت قد هدمتها بشكل جزئي في وقت سابق لاكتشاف أنفاق اسفلها.

وتقول السلطات إن عددا كبيرا من المنازل خال من السكان.

وقال العميد نجيب محمود نصر، وكيل أول وزارة بالجهاز المركزي للتنظيم والإدارة سابقا، لبي بي سي "المشكلة تكمن في الأنفاق التي تستخدم في تهريب السلاح للقيام بعمليات إرهابية في مصر، وتهريب المواد المدعمة لتباع للمستوطنين الإسرائيليين".

وأضاف "يجري إبعاد الأهالي لنحو 500 متر، ولا يوجد تهجير كما يقال. المنطقة العازلة ستكون جزءا من حلول أخرى تهدف لحماية الأمن المصري في سيناء".

تعويض السكان

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك

الحلقات

يستحق الانتباه نهاية

وأعلنت السلطات عن تعويض المواطنين بمنازل أو قطع أراض في مناطق أخرى بالإضافة إلى مبالغ مالية للإيواء العاجل.

وأعدت الجهات المحلية استبيانا لمعرفة طلبات السكان المتضررين، حيث طلب 65 بالمئة تعويضا نقديا، في حين طلب 29 بالمئة مبلغا نقديا وقطعة أرض مناسبة، وطلب 2 بالمئة شققا سكنية بديلة توفرها الدولة.

وتقول الأنباء الرسمية إن نحو 200 منزل قد تم اخلاؤها بالفعل بينما يعترض عدد من الأسر على ترك منازلهم.

وأكد اللواء عبد الفتاح حرحور محافظ شمال سيناء لبي بي سي أن 78 منزلا سيحرم أصحابها من التعويضات بعد اكتشاف أنفاق بداخلها.

وقال سعيد عتيق، ناشط سيناوي "المشكلة ليست في التعويض وما إذا كان كافيا أم لا. نحن لا نحتاج إلى تعويضات، لكننا نحتاج أن يكون هذا القرار نابعا من الرغبة في الدفاع عن الأمن القومي المصري. هناك غموض في القرار، ونتمنى أن تتحدث الدولة صراحة وألا يترك أهالي سيناء للمتاجرة بهم من قبل جماعات متطرفة".

وأضاف لبي بي سي "هناك بسطاء لا يملكون شيئا ونتمنى أن تحتضنهم الدولة وتوفر له حياة كريمة حتى لا يحدث احتقان لدى أبناء سيناء".

تسعى السلطات المصرية للسيطرة على الوضع الأمني وتجفيف ما وصفته بـ "منابع الإرهاب"

صدر الصورة، Getty

التعليق على الصورة، تسعى السلطات المصرية للسيطرة على الوضع الأمني وتجفيف ما وصفته بـ "منابع الإرهاب"

وأصدر الجيش المصري بيانا أكد خلاله على أن شيوخ شمال سيناء أعربوا عن تفهمهم للإجراءات التي يقوم بها الجيش.

وواصلت عناصر الجيش المصري تمشيط عددا من القرى والمناطق المحيطة بالعريش ورفح والشيخ زويد، مدعومة بغطاء جوي من طائرات الأباتشي.

وقد بدأت السلطات بالفعل في هدم المنازل التي أخلاها سكانها.

وكانت السلطات المصرية قد أعلنت منطقة شمال سيناء منطقة عسكرية مغلقة فرضت فيها حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر عقب الهجمات التي استهدفت كمائن ونقاط عسكرية وأودت بحياة ما لا يقل عن واحد وثلاثين جنديا مصريا.

كما تقرر فرض حظر للتجوال من الخامسة مساء إلى السابعة صباحا، وإغلاق معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة حتى إشعار آخر.

مخالف للدستور؟

وأمتد تأثير القرار مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت، حيث ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر هاشتاغ #التهجير_مش_حل، في رد فعل على قرار الجيش المصري بإقامة منطقة عازلة في سيناء.

ويؤيد المستخدم "إيهاب" هذا الرأي. وقال في تغريدته "التهجير ليس حلا وسيؤدي إلي التحاق شباب سيناء لأعمال تكفيرية أو جهادية كما يطلق عليها".

وقال المحامي المصري جمال عيد في تغريدة له على تويتر إلى أن تهجير مواطني سيناء مخالف للدستور المصري، وغرد قائلا "المادة 63 من دستور مصر 2014 تقول: يحظر التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صوره وأشكاله، ومخالفة ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم".

وحصد هاشتاغ #التهجير_مش_حل أكثر من 13 ألف تغريدة على مدار الأربع وعشرين ساعة الماضية.

وظهر أيضا هاشتاغ يؤيد قرار الإخلاء بأسم #نعم_لإخلاء_منازل_سيناء، الذي ظهر في أكثر من 740 تغريدة خلال اليوم الماضي.

وغرد المستخدم "سامح فتحي" قائلاً: "#نعم_لإخلاء_منازل_سيناء، لو سيناوي وبتحب مصر وبتخاف علي كرامه مصر وبتخاف علي جنود مصر يبقا تساعد الجيش في إخلاء سيناء".

ويرى الكثيرون أنه من المتوقع أن يتم تنفيذ القرار بلا مشاكل كبيرة خاصة في ظل التأييد الملحوظ للجيش في البلاد.