البابا فرنسيس يدعو من بغداد إلى تعزيز السلام في المنطقة والتصدي للفساد واستغلال السلطة

البابا فرنسيس

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، دعا البابا في كلمته أمام الرئيس العراقي إلى أن يكون الدين في خدمة السلام والأخوّة

دعا البابا فرنسيس، بعد وصوله إلى العاصمة العراقية بغداد، المجتمع الدولي لأداء دور حاسم في تعزيز السلام في العراق وكل الشرق الأوسط.

وقال بابا الفاتيكان في كلمة ألقاها أمام رئيس الجمهورية العراقية، برهم صالح، في قصر بغداد "إن التحديات المتزايدة تدعو الأسرة البشرية بأكملها إلى التعاون على نطاق عالمي لمواجهة عدم المساواة في مجال الاقتصاد، والتوترات الإقليمية التي تهدد استقرار هذه البلدان".

وأضاف: "فلتصمت الأسلحة"، "وليكن الدين في خدمة السلام والأخوّة".

كما شجع الخطوات الإصلاحية المتخذة في العراق، ودعا إلى ضمان مشاركة جميع الفئات السياسية والاجتماعية، مؤكدا على ضرورة التصدي لآفة الفساد واستغلال السلطة.

وقد وصل البابا فرنسيس إلى العاصمة العراقية بغداد، اليوم الجمعة، في زيارة هي الأولى من نوعها لبابا الفاتيكان إلى العراق.

وتهدف الزيارة، التي تستمر أربعة أيام، إلى طمأنة المجتمع المسيحي في العراق، وتعزيز الحوار بين الأديان.

وهبطت الطائرة التابعة لشركة أليطاليا، التي أقلت البابا والوفد المرافق له، في مطار بغداد قادمة من مدينة روما الإيطالية، بعد رحلة استغرقت حوالي 4 ساعات ونصف الساعة.

ويرافق البابا في هذه الرحلة وفد كبير يضم مسؤولا أمنيا، ونحو 75 صحفيا.

وفرش السجاد الأحمر لاستقبال البابا، الذي كان يرتدي الكمامة، وكان في استقباله رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي وكبار الشخصيات السياسية.

ومن المقرر أن يلتقي البابا، في أول رحلة خارجية له منذ تفشي وباء كورونا، أبرز رجال الدين من الشيعة في العراق.

البابا فرانسيس

وكان البابا قد أصر على الزيارة رغم تسجيل زيادة جديدة في أعداد الإصابات بفيروس كورونا والمخاوف الأمنية.

وقال البابا فرنسيس، بعد ساعات من هجوم صاروخي استهدف قاعدة تستضيف القوات الأمريكية يوم الأربعاء، إن المسيحيين العراقيين لا يمكن "خذلانهم للمرة الثانية".

كنيسة سيدة النجاة في العاصمة بغداد

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، تعد زيارة البابا فرنسيس للعراق أول زيارة خارجية له منذ بداية تفشي فيروس كورونا

وكان البابا يوحنا بولس الثاني، بابا الفاتيكان السابق، قد ألغى زيارة للعراق في نهاية عام 1999 بعد انهيار محادثات مع حكومة الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

ومنذ ذلك الوقت، تراجعت أعداد المسيحيين في العراق من 1.4 مليون إلى حوالي 250 ألفا.

وكان كثيرون قد فروا خارج البلاد هربا من أعمال العنف عقب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بصدام حسين.

كما نزح عشرات الآلاف عندما اجتاح مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية شمالي العراق في عام 2014، ودمروا كنائسهم التاريخية، واستولوا على ممتلكاتهم، وخيّروهم بين دفع الجزية أو تغيير دينهم أو مغادرة البلاد أو مواجهة الموت.

كنيسة الطاهرة الكبرى في قره قوش

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، أعيد ترميم كنيسة الطاهرة الكبرى في قره قوش بعد تعرضها لتخريب من جانب تنظيم الدولة الإسلامية

ما الذي يأمل البابا في تحقيقه؟

يهدف بابا الفاتيكان إلى تشجيع المسيحيين والدعوة إلى السلام خلال اجتماعات مع زعماء سياسيين وغيرهم من رجال الدين، بحسب مراسل بي بي سي مارك لوين.

وقال البابا فرنسيس، مخاطبا الشعب العراقي في رسالة بالفيديو عشية رحلته: "أوافيكم حاجا تائبا لكي ألتمس من الرب المغفرة والمصالحة بعد سنين الحرب والإرهاب، ولأسأل الله عزاء القلوب وشفاء الجراح".

وأضاف: "أوافيكم حاجا يشوقني السلام... وأسعى خلف الأخوة وتدفعني الرغبة في أن نصلي معا ونسير معا ومع الإخوة والأخوات في التقاليد الدينية الأخرى أيضا، تحت راية أبينا إبراهيم، الذي يجمع في عائلة واحدة المسلمين واليهود والمسيحيين".

وقال البابا للمسيحيين العراقيين: "أود أن أحمل لكم عناق الكنيسة بأسرها المفعم بالحنان، الكنيسة التي هي قريبة منكم ومن الشرق الأوسط المتألم، وأنا أشجعكم على المضي قدما".

مدينة أور الأثرية

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة، سوف يحضر البابا فرنسيس اجتماعا مشتركا بين أتباع المسيحية والإسلام واليهودية في موقع مدينة أور الأثرية

من هم مسيحيو العراق؟

  • وفقا لوزارة الخارجية الأمريكية، يقول رجال دين مسيحيون إن هناك أقل من 250 ألف مسيحي في العراق، ويعيش معظمهم، نحو 200 ألف، في سهل نينوى وإقليم كردستان شمالي البلاد.
  • يقدر 67 في المئة منهم من الكلدان الكاثوليك، الذين تحتفظ كنيستهم ذات الطقوس الشرقية بطقوس دينية وتقاليد خاصة بها لكنها تعترف بسلطة البابا في روما، بينما ينتمي 20 في المئة إلى كنيسة المشرق الآشورية التي يُعتقد أنها أقدم الكنائس في العراق.
  • البقية ينتمون إلى السريان الأرثوذكس، والسريان الكاثوليك، والأرمن الكاثوليك، والأرمن الرسوليين، فضلا عن الأنجليكان والإنجيليين والبروتستانت.
ملصقات ترحيبية بالبابا في أربيل

صدر الصورة، SAFIN HAMED

التعليق على الصورة، ملصقات ترحيبية بالبابا في أربيل

ما هو جدول زيارة البابا؟

يقول مراسلنا إنه بسبب المخاوف الأمنية والارتفاع الحاد في الإصابات بفيروس كورونا، سيكون ظهور البابا، البالغ من العمر 84 عاما، محدودا أمام الجمهور.

فبعد لقائه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وكبار المسؤولين العراقيين، سيلتقي بالأساقفة ورجال الدين الآخرين في كنيسة "سيدة النجاة" للسريان الكاثوليك في العاصمة، التي شهدت مقتل 52 مسيحيا وشرطيا في هجوم شنه مسلحون من تنظيم القاعدة عام 2010.

وسوف يذهب البابا يوم السبت جنوبا إلى مدينة النجف الشيعية حيث يزور المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، البالغ من العمر 90 عاما.الأمر الذي سوف يمثل قمة تواصله المستمر مع المسلمين الشيعة.

وعارضت بعض الجماعات الشيعية المتشددة زيارة البابا ووصفتها بأنها تدخل غربي في شؤون العراق. لكن الكثير من العراقيين يأملون أن يساعد ذلك في تعزيز رؤية جديدة للعراق.

الموقع الذي يعتقد أنّ النبي إبراهيم ولد فيه

صدر الصورة، ASAAD NIAZI

التعليق على الصورة، الموقع الذي يعتقد أنّ النبي إبراهيم ولد فيه

بعد ذلك سوف يحضر البابا فرنسيس اجتماعا مشتركا بين أتباع المسيحية والإسلام واليهودية في موقع مدينة أور الأثرية، الذي يعتقد أنها مسقط رأس النبي إبراهيم.

وسوف يذهب البابا يوم الأحد إلى مدينة الموصل شمالي البلاد، حيث ستقام صلاة في كنيسة الساحة من أجل من سقطوا في الحرب مع تنظيم الدولة الإسلامية التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى من المدنيين.

كما يزور البابا قره قوش القريبة، حيث عاد المسيحيون بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية عام 2017 لترميم كنيسة المدينة وإعادة بناء منازلهم.

وبعد ظهر ذلك اليوم، سوف يقيم البابا قداسا يحضره آلاف الأشخاص في ملعب في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق.

وسوف ينتشر نحو 10 آلاف فرد من قوات الأمن العراقية لتأمين الزيارة، فضلا عن فرض حظر تجول على مدار الساعة للحد من انتشار فيروس كورونا.