سوريا: بعد إخلاء كفريا والفوعة إدلب بلا شيعة

مهجرو الفوعة في مركز جبرين بحلب

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، كل عمليات التبادل بين المعارضة والحكومة تنطوي على تغيير التركيبة السكانية لمنطقة ما في سوريا

كما في كل الحرب الداخلية الطويلة في البلدان ذات التنوع العرقي والطائفي والديني، تتكشف أمامنا أحد أهم عواقب مثل هذه الحروب ألا وهو تغير التركيبة الديموغرافية لسكان العديد من المناطق بسوريا على الصعيد العرقي والديني والطائفي.

وآخر فصول هذه التغييرات في سوريا، الاتفاق الذي تم التوصل إليه برعاية روسية وإيرانية وتركية بين الحكومة وجبهة فتح الشام (النصرة سابقا) حول بلدتي كفريا والفوعة. وبموجب الاتفاق تم إخلاء من بقي من سكان البلدتين والبالغ عددهم نحو 7 آلاف شخص تقريبا وإطلاق سراح مقاتلين ومدنيين لدى الجبهة مقابل إطلاق الحكومة السورية سراح 1500 شخص من السجون الحكومية.

جندي حكومي

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، ظلت البلدتان تحت الحصار لمدة ثلاثة أعوام ونصف

حصار مديد

سيطرت قوات المعارضة السورية على كامل محافظة إدلب الواقعة بمحاذاة الحدود مع تركيا شمالي البلاد في مارس/آذار 2015، وكانت القوات التي قادت الهجمات على مواقع القوات الحكومية في المحافظة تضم عددا من الجماعات ذات التوجهات السلفية والجهادية وعلى رأس هذه الجماعات الحزب الإسلامي التركستاني( ايغور الصين) وجبهة النصرة وحركة أحرار الشام السلفية.

وكانت النصرة تضم وقتها آلاف الجهاديين الأجانب قبل أن تعلن "الدولة الاسلامية" عن ظهورها الرسمي ويلتحق بها جل العناصر الأجانب.

مع بروز الجماعات والفصائل الدينية المتطرفة وتصدرها مشهد العمل المسلح ضد القوات الحكومية التي كانت تضم في صفوفها منذ عام 2013 جماعات شيعية عراقية وحزب الله اللبناني، اكتسبت الأزمة السورية بعداً جديداً، وهو البعد الطائفي.

ومن بين أبرز ملامح الاصطفاف الطائفي في سوريا أن البلدات العلوية والشيعية حافظت على الولاء للنظام وقد لا يكون ذلك دائما حباً به بل خوفا من المعارضة التي باتت ذات صبغة طائفية أصولية واضحة.

مع إجلاء سكان كفريا والفوعة الشيعيتين من إدلب ستكون المحافظة قد خلت تماما من الشيعة وباتت سنية صرفة.

ابناء الفوعة وكفريا

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، قتل اكثر من مئة من مهجري الفوعة وكفريا اثناء عملية الخروج عام 2017

تكتيك مشابه

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك

الحلقات

يستحق الانتباه نهاية

كان عدد سكان فوعة وكفريا قبل الأزمة السورية يقارب 50 ألف نسمة لكن تراجع عددهم مع سيطرة العنف على المحافظة وعندما سقطت المحافظة وباتت تحت سيطرة المعارضة بقيت البلدتان صامدتين بفضل التحصينات القوية التي أقامتها الحكومة فيهما والعدد الكبير من الأسلحة والمقاتلين المتمركزين فيهما.

مع اشتداد حصار المعارضة للبلدتين ومحاولات السيطرة عليهما، كانت القوات الحكومية مدعومة بمقاتلين من حزب الله تمارس نفس التكتيك في منطقة أخرى، فقد كانت القوات الحكومية وعناصر حزب الله اللبناني تحاصر عدة آلاف بينهم مئات المقاتلين في بلدتي مضايا والزبداني في ريف دمشق وسط نقص حاد في الامدادات الغذائية والطعام للمحاصرين.

عندما وقعت كفريا والفوعة تحت الحصار كان عدد سكان البلدتين قد تراجع إلى أقل من عشرين ألفا بينهم عدد كبير من المقاتلين المنضوين في ما يسمى بلجان الدفاع الوطني (مليشيا حكومية) وكان يتم إمداد البلدتين ببعض الحاجات الأساسية عبر إسقاطها جواً.

وحسب موقع قناة العالم الإيرانية فإن عدد القتلى الذين سقطوا في البلدتين منذ بداية الحرب في سوريا وحتى يونيو/حزيران 2016 قد وصل إلى 2150 قتيلا و2680 جريحا.

خرجت أول دفعة من سكان البلدتين في ابريل/نيسان 2017 عندما تم التوصل إلى اتفاق ما يعرف بالبلدات الأربع وهي كفريا والفوعة من جهة ومضايا والزبداني من جهة اخرى.

مهجرو مضايا

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، سكان بلدة مضايا كانوا تحت حصار قوات الحكومة وحزب الله لمدة طويلة

وكان الاتفاق قد تم التوصل إليه برعاية تركية وإيرانية وقطرية وروسية إذ خرج ثمانية آلاف مدني ومقاتل من مضايا والزبداني مقابل ثلاثة آلاف من كفريا والفوعة أغلبهم من الجرحى والمصابين.

وسبق ذلك أن فقدت محافظة إدلب كل سكانها من مسيحيين ودروز لأسباب متعددة، على رأسها المضايقات والاعتداءات التي تعرضوا لها.

فقد تم مثلا إجبار من بقي من أبناء الطائفة الدرزية في المحافظة على التحول إلى الإسلام السني. وباتت قرى منطقة جبل السماق التي كان ذات غالبية درزية معقلا للإيغور، أعضاء الحزب الإسلامي التركستاني الذين جلبوا أسرهم وأسكنوها في بيوت السكان الأصليين بعد فرارهم بسبب سوء المعاملة والتضييق عليهم.

وينسحب الأمر على المسيحيين في المحافظة التي خلت منهم تماما منذ سنوات.

عملية التهجير أو التطهير الطائفي لا تقتصر على إدلب فقط، ففي منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية والواقعة شمال مدينة حلب، أقدمت الفصائل السورية المعارضة التي شاركت تركيا في احتلال المنطقة في أبريل/ نيسان الماضي على تدمير كل معابد الأقلية الأيزيدية هناك وأجبرت من بقي منهم هناك على تغيير دينهم إلى الاسلام.

كما قامت بتدمير المراكز الخاصة بالعلويين والمسيحيين في المنطقة.

-------------------------------

يمكنكم تسلم إشعارات بأهم الموضوعات بعد تحميل أحدث نسخة من تطبيق بي بي سي عربي على هاتفكم المحمول.