من يدعم خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا؟

خليفة حفتر

صدر الصورة، AFP

احتل خليفة حفتر، الذي يقود قوات شرق ليبيا ويوصف برجل ليبيا القوي، واجهة التغطيات الإخبارية في الشأن الليبي مع زحف قواته مطلع الشهر الجاري للاستيلاء على العاصمة طرابلس مقر الحكومة الليبية المعترف بها دوليا.

وقد ظل حفتر حاضرا طوال أكثر من أربعة عقود في المشهد السياسي الليبي، مبدلا موقعه بين فترة وأخرى.

فبعد أن كان لواءً متقاعدا منشقا عن نظام العقيد القذافي، عينه مجلس النواب الجديد (الذي حل محل المؤتمر الوطني العام) في عام 2015 قائدا عاما لما يعرف بـ "الجيش الوطني الليبي".

ولا تعترف حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة بهذا الجيش وتطالب بضم كل التشكيلات العسكرية والمسلحة في البلاد تحت أمرتها.

وكان حفتر عاد إلى ليبيا مع بدء الانتفاضة ضد القذافي في عام 2011، وأصبح واحدا من القادة الرئيسيين لقوات المعارضة التي كانت تتشكل في شرق البلد.

وقد تزايدت الخسائر البشرية في معركة السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس الثلاثاء، بعد تقدم قوات شرق ليبيا من محورين في الشرق والجنوب للسيطرة على المدينة.

ونقلت وكالة رويترز عن منظمة الصحة العالمية قولها إن جهات صحية ليبية محلية أعلنت عن مقتل 47 شخصا وجرح 181 في المعارك الدائرة للسيطرة على العاصمة.

ونقلت عن شهود عيان قولهم إن قوات شرق ليبيا تقاتل إلى الجنوب من المدينة بعد أن فقدت السيطرة على مطار طرابلس القديم وانسحبت إلى الطريق المؤدية إليه.

مؤتمر وطني

واتهم فائز السراج، رئيس الوزراء الليبي، حفتر بمحاولة الانقلاب على الحكومة الشرعية، مشددا على أن قوات الحكومة ستلاحق المسلحين التابعين لحفتر بكل حزم وقوة.

وتعتمد حكومة الوفاق الوطني، التي أُعلنت في مارس/ آذار 2016 ويقودها السراج، على مجموعة ميليشيات من أجل الحماية وضبط الأمن.

ويربط محللون بين خطوة حفتر بتحريك قواته وإعلان الأمم المتحدة عن "مؤتمر وطني" في مدينة غدامس في الفترة بين 14 إلى 16 من الشهر الجاري.

وقال المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، إن الهدف من المؤتمر إجراء مناقشة بين كل الأطراف داخل ليبيا "لوضع خارطة طريق للفترة الانتقالية وتمهيد الطريق للانتخابات وإصدار توصيات بشأن كتابة الدستور".

ويسعى حفتر عبر سيطرته على المزيد من المناطق إلى أن تكون له اليد الطولى للتأثير في أي مائدة تفاوض في الأزمة الليبية.

على مدى ثلاث سنوات قاتلت القوات التي يديرها مختلف الميليشيات الإسلامية ومن بينها جماعات على صلة بتنظيم القاعدة في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، بيد أن منتقديه يتهمونه بأنه يسم كل من يعارض أو يتحدى سلطته بأنه "إرهابي".

وفي يناير/ كانون الثاني شنت قواته هجوما للسيطرة على حقلين نفطيين في جنوبي البلاد. ويعتقد أنه الآن يسيطر على معظم الاحتياطيات النفطية في البلاد.

وبعد أن أحكم حفتر سيطرته على بنغازي، وجه بصره إلى المنصب الأعلى في البلاد، بيد أن العقبة الأساسية بوجهه عبارة في الاتفاق الذي أبرم بوساطة الأمم المتحدة يمنع أي شخصية عسكرية من لعب دور أساسي في دائرة السياسة.

محادثات في فرنسا

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان (في اليسار) في اجتماع مع خليفة حفتر

صدر الصورة، AFP

التعليق على الصورة،

وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان (في اليسار) في اجتماع مع خليفة حفتر

ويقول مراقبون إن ظهور اللواء حفتر في سلسلة محادثات في فرنسا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة كان من أجل طرح نفسه على المشهد السياسي الدولي وليس من أجل إيجاد أرضية مشتركة لحل النزاع في ليبيا.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أول زعيم غربي يدعوه إلى أوربا في سياق محادثات سلام.

وتنفي فرنسا، التي تبنت مهمة وساطة بين أطراف الصراع في ليبيا، انحيازها إلى جانب أي من الأطراف، على الرغم من الشكوك المثارة بشأن علاقتها بحفتر.

بيد أن اتهام فرنسا بتقديم دعم ضمني لرجل ليبيا القوي قاد إلى انفجار خلاف علني مع إيطاليا التي تدعم الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة.

وينظر البلدان إلى ليبيا بوصفها شريكا أساسيا في وقف موجات المهاجرين القادمين من جنوب الصحراء الأفريقية.

وقد شنت فرنسا ضربات جوية لدعم قوات شرق ليبيا التي يقودها حفتر في فبراير/ شباط الماضي، واستهدفت قوات المعارضة التشادية التي تقاتل ضد هذه القوات في جنوب البلاد.

حفتر والسراج

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

تطالب الحكومة المعترف بها دوليا برئاسة فائز السراج بأن تكون جميع القوات العسكرية خاضعة لها

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك

الحلقات

يستحق الانتباه نهاية

وقال ماتيا توالدو الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بلندن لمجلة الشؤون الخارجية إن "حفتر قد أدرك أن الهجرة تمثل بالنسبة له ما يمثله تنظيم الدولة الإسلامية بالنسبة للأكراد، بوصفها مفتاحا لنيل الاعتراف والشرعية الدولية".

وتشير تقارير إلى أن حفتر ظل لوقت طويل يحظى بدعم من مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة، لاسيما بعد أن أطلق في مايو/ أيار 2014، ما أسماها "عملية الكرامة" في بنغازي وفي الشرق ضد جماعات إسلامية مسلحة من بينها جماعات مقربة من الإخوان المسلمين، ونجاحه بتقديم نفسه على الساحة الخارجية باعتباره خصم الإسلاميين في ليبيا.

كما هاجم مبنى البرلمان في العاصمة طرابلس، ووصف هذه العملية العسكرية بأنها انتفاضة ضد ما سماها "الحكومة التي يسيطر عليها الإسلاميون".

وقد زار حفتر المملكة العربية السعودية قبل أسبوع من بدء هجومه على طرابلس والتقى الملك سلمان بن عبد العزيز.

ويشير تقرير لقسم المتابعة الإعلامية في بي بي سي إلى أن عددا من المحللين حاول الربط بين التقارب في توقيت الحدثين وما يرونه دورا مهما لما يعرف بجماعة "السلفيين المداخلة" ضمن قوات شرق ليبيا، والتي تتبع أفكار الفقيه السلفي، ربيع المدخلي، الذي يعيش في المملكة التي توصف بأنها مصدر الأيديولوجية السلفية وراعيتها.

ويعتقد أيضا أن القوات التابعة لحكومة الوفاق الوطني تضم بين صفوفها عددا من السلفيين المداخلة أيضا، الأمر الذي يفسر الإشاعات التي اثيرت بشأن حدوث انقسام في صفوفهم في أعقاب الهجوم الأخير.

فيتو روسي

وقد قام حفتر بعدة رحلات إلى روسيا، وقد استقبل أيضا على متن حاملة طائرات روسية رست قبالة شواطئ ليبيا.

أقنع حفتر قادة عسكريين وزعماء ميليشيات بدعم حملته العسكرية

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة،

أقنع حفتر قادة عسكريين وزعماء ميليشيات بدعم حملته العسكرية

وتدخلت روسيا الأحد الماضي باستخدام حق النقض لمنع صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدين تقدم قوات حفتر نحو طرابلس.

ونقلت وكالة فرانس برس للأنباء عن المتحدث باسم الحكومة الروسية (الكرملين) ديمتري بسكوف، قوله إن موسكو طالبت "كافة الأطراف بنبذ أفعال من شأنها إراقة مزيد من الدماء في المعارك ووقوع ضحايا بين المدنيين".

وكانت روسيا عرقلت الأحد الماضي صدور بيان من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يطالب قوات حفتر بوقف تقدمها صوب العاصمة طرابلس.

ونُقل عن دبلوماسيين أمميين أن موسكو أصرت على أن يحث البيان الرسمي كافة القوات الليبية على وقف أعمال القتال، لكن التغيير الروسي المقترح قوبل بالرفض من الولايات المتحدة، ما سلط الضوء على خلاف أمريكي روسي بشأن آخر التطورات في ليبيا.

وبعد اجتماع مغلق الجمعة الماضية، دعا مجلس الأمن القوات التي تطلق على نفسها اسم الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر إلى "وقف نشاطها العسكري"، وذلك في بيان صحفي متفق عليه.

ثم اقترحت بريطانيا على المجلس بيانا لكي يوافق عليه الأعضاء الخمسة عشر، لكن روسيا عارضت البيان.

وكان البيان البريطاني المقترح يدعو قوات حفتر إلى وقف كافة أنشطتها العسكري، ويدعو كافة القوات لوقف التصعيد، وكان يدعو كذلك إلى "محاسبة كافة الأطراف التي تقوض عملية السلام والأمن في ليبيا"، فضلا عن تعزيز الدعوات إلى عقد مؤتمر وطني في وقت لاحق من الشهر الجاري للدعوة إلى إجراء انتخابات، بحسب فرانس برس.

ومنذ بدء الهجوم على طرابلس تكررت الدعوات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى وقف فوري للقتال والبدء بمحادثات سلام.