أسامة هيكل وزير الإعلام المصري يواجه حملة انتقادات و"تخوين" تطالبه بالاستقالة

  • أحمد عمر
  • القاهرة
أسامة هيكل

صدر الصورة، Getty Images

دعا وزير الدولة المصري لشؤون الإعلام أسامة هيكل عددا من الإعلاميين لعقد لقاء مفتوح بمقرّ وزارته للتباحث في دور الوزارة وسياسة الدولة الإعلامية.

وأشار هيكل في مقطع مصوّر تم نشره على الصفحة الرسمية للوزارة، إلى أن تصريحاته التي أثارت استياء عدد من الإعلاميين والصحفيين المصريين قد اجتُزئت من سياقها وتفريغها من مضمونها.

وأضاف هيكل: "الوضع لا يحتمل أن تستغل بعض الجهات الخارجية الخلافات بيننا للإضرار بالأمن القومي المصري".

الرسالة المصورة أتت بعد مطالبة مذيعين مصريين ورؤساء تحرير صحف محلية تدعم الحكومة هيكل بالاستقالة من منصبه، موجهين له انتقادات حادة على خلفية تصريحه بأن الشباب ما دون 35 عاما في مصر لا يقرأون الصحف أو يشاهدون التليفزيون.

ووصف هيكل، الذي عُيّن وزيرًا للإعلام العام الماضي إثر قرار بإعادة الحقيبة الوزارية للتشكيل الحكومي بعد إلغائها، الانتقادات ضده بأنها "حملة مدارة".

واتهم مذيعون ورؤساء تحرير هيكل بالتقصير في أداء عمله، والإساءة لمهنة الصحافة، بينما وصفه بعضهم بـ"الخيانة الوطنية"، في مشهد نادر خلال السنوات الأخيرة توجه فيها صحف ووسائل إعلام مدعومة حكوميا النقد اللاذع لوزير بالحكومة.

بداية الأزمة

وبدأت حملة الانتقادات ضد هيكل الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي المصرية عقب نشره تصريحات عبر الصفحة الرسمية لوزارة الإعلام المصرية على موقع فيسبوك، قال فيها: "الأعمار أقل من 35 سنة، ويمثلون حوالي 60 أو 65 في المئة من المجتمع، لا يقرأون الصحف ولا يشاهدون التليفزيون، وبالتالي من المهم التفكير في نمط حياة هذه الفئات".

واتهم خالد صلاح، رئيس تحرير صحيفة وموقع اليوم السابع، هيكل بالتنظير والتقصير في عمله.

وغرّد صلاح على تويتر متسائلا: "لماذا لم تتحرك خطوة واحدة للأمام حين توليت مسؤولية الإعلام مرتين فى سنوات معدودات؟".

مجموعة من الصحف المصرية

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

مجموعة من الصحف المصرية

وردا على هذا الهجوم، اتهم هيكل في منشور آخر عبر صفحته الشخصية على موقع فيسبوك مهاجميه بأنهم جزء من حملات متكررة ضده.

وقال هيكل: "أقول لهؤلاء إن أخطر أنواع الفساد هو أن يترك الكاتب قلمه لغيره، ويكتفى هو بالتوقيع، والحقيقة أنني لا أريد أن أرد على هؤلاء لأنهم مجرد أدوات".

وطالب محمد الباز رئيس تحرير صحيفة الدستور المصرية، والإعلاميان أحمد موسى، ووائل الإبراشي -وكلاهما يقدمان برامج تليفزيونية- هيكل بالاستقالة من منصبه.

واتهم الباز عبر حسابه على موقع فيسبوك وزير الإعلام بأنه "يضيق بالاختلاف فى الرأي، ويتهم من ينتقدونه بأنهم مدفوعون ضده"، بينما قال موسى: "الإعلام المصري سيبقى بجميع أشكاله حائط صدّ ضد مخططات الإعلام المعادي"، واصفا هيكل بعدم تقديم أية استراتيجية لمواجهة الإعلام المعادي منذ تعيينه في منصبه.

مكالمات مسربة للوزير

واستمرت انتقادات وسائل الإعلام لهيكل لثلاثة أيام، بينما أذاع التليفزيون الرسمي المصري تسريبا لمكالمة تليفونية بين هيكل والسيد البدوي، رئيس حزب الوفد المصري السابق، يتحدثان فيها عن حضور اجتماع مع قوى سياسية من ضمنها جماعة الإخوان المسلمين التي تصنفها الحكومة المصرية كجماعة إرهابية.

وقال وائل الإبراشي مقدم البرنامج الذي أذاع التسجيل: "هيكل رفع شعار سأحطم إعلام الدولة وسأخدم إعلام الإخوان".

وطبقا للإعلامي المصري حافظ المرازي، يعود هذا التسجيل لعام 2011 حين كان يعمل هيكل كرئيس تحرير لبوابة حزب الوفد.

السيد البدوي رئيس حزب الوفد السابق

صدر الصورة، التلفزيون المصري

التعليق على الصورة،

أذاع التلفزيون المصري تسريبا قديما للوزير أسامة هيكل مع السيد البدوي رئيس حزب الوفد السابق

حيث قال المرازي عبر صفحته على فيسبوك: "مؤسف للغاية، أن تليفزيون 'الدولة ' المصرية ينحط إلى حد إذاعة تسجيلات تمت بشكل غير قانوني لرئيس حزب، وهو لا يرتكب جرما سوى الغضب".

وقامت العديد من وسائل الإعلام المصرية خلال الأعوام الماضية بإذاعة مكالمات تليفونية مسرّبة لتشويه معارضين، لكن تعتبر هذه أول مرة تستخدم فيها هذه الآلية ضد مسؤول بارز في الحكومة.

معركة "غير مهنية"

وعن هذا السجال يقول عمرو بدر، عضو مجلس إدارة نقابة الصحفيين، إن هذه "المعركة" لا يمكن أن يكون شعارها الدفاع عن المهنة.

وأضاف بدر الذي تم حبسه سابقا على خلفية إحدى قضايا حرية التعبير في حديثه لبي بي سي: "ما يحدث الآن هو تعبير واضح عن المشهد الصحفي والإعلامي في مصر، ربما تكون المعركة حول نفوذ أو صلاحيات، لكنها بالتأكيد ليست حول حماية المهنة".

ورفض هيكل، الذي شغل سابقا منصب رئيس لجنة الإعلام بمجلس النواب، التعليق لبي بي سي على الاتهامات التي واجهها أو الانتقادات التي طالته.

وقالت مصادر صحفية تتابع هذا التراشق الإعلامي إن ما يجري من هجوم على هيكل، وردّه بأن هناك من يعمل ضده، واعتباره الإعلاميين المهاجمين له أدوات في معركة، يضفي مزيدًا من الغموض على المشهد الإعلامي في البلاد بعد تغيير ملكية معظم وسائل الإعلام خلال السنوات الخمس الأخيرة لتصبح تابعة للحكومة بشكل أو بآخر.

وتضيف المصادر أن المشكلة تتمثل في أن وزارة الإعلام بعد إعادتها ربما اصطدمت مع جهات أخرى "كانت مستأثرة بإدارة المشهد الإعلامي".

حقيقة الأرقام

تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك

الحلقات

يستحق الانتباه نهاية

بعيدا عن الهجوم على هيكل، طالب حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الحكومة المصرية بالبحث في أسباب انصراف المشاهدين عن الإعلام المصري.

وقال نافعة لبي بي سي إن دراسة ما ذكره هيكل من انصراف المشاهدين عن الإعلام مهم جدا وربما يجب اللجوء إلى أجهزة استطلاع رأي موثوق بها للوقوف على أسبابه، مضيفا أن الوضع قد يكون أسوأ مما ذكره الوزير من حيث تدني نِسب المتابعة.

ويؤكد عمرو بدر، الذي رأس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين المصريين من قبل، أن نِسب متابعة وسائل الإعلام في مصر في تراجع ملحوظ، وعزا ذلك في المقام الأول لنوعية المحتوى المقدم.

يقول بدر: "الحصار المفروض على المهنة، وسقف الحريات المتدني بشكل غير مسبوق، وعدم معرفة الجمهور المستهدف جعلت الإعلام التقليدي في تراجع مستمر بلا أي شك".

وحاول بعض الإعلاميين التشكيك في النِسب التي ذكرها الوزير في منشوره خاصةً وأنه لم يقم بذكر مصدر الأرقام التي نشرها.

وتناقل العديد من المواقع الإخبارية المصرية دراسة قديمة أجراها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري تشير إلى أن عدد النسـخ الموزعة للصحف العامة محليًا وخارجيا بلغ 547.2 مليون نسخة عـام 2018، مقابل 510.2 مليون نسخة عام 2017، بزيادة 7.2 في المئة، بينما بلغ عدد النسخ عام 2010 لـ917.9 مليون نسخة.

وكانت وزارة الإعلام المصرية قد أُلغيت بعد إقرار دستور عام 2014، ليحل محلها المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئات التابعة له.

لكنها عادت مرة أخرى في ديسمبر/كانون الأول من عام 2019 ولكن تحت اسم "وزارة الدولة للإعلام"، وعُيّن أسامة هيكل على رأسها، لتصبح هذه هي المرة الثانية التي يتولى فيها هيكل هذا المنصب الذي سبق وشغله من قبل عام 2011 لمدة خمسة أشهر.