لماذا تنظر واشنطن في وقف تسليم انقرة طائرة أف-35؟
صدر الصورة، Anadolu Agency
نقلت وكالة رويترز عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية-البنتاغون أن الولايات المتحدة قد توقف قريباً الاستعدادات الجارية لتسليم تركيا مقاتلتين من طراز أف-35.
ومنذ إعلان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نية بلاده الحصول على منظومة الدفاع الجوي الروسية اس- 400، أكدت الولايات المتحدة إن حصول تركيا على هذه المنظومة سيكون له تداعيات سلبية على علاقات البلدين وأن أنقرة لا يمكنها أن تملك هذه الطائرة المقاتلة التي تعتبر الأحدث والأكثر تطوراً في العالم ونظام اس-400 الروسي
لكن تركيا مضت قدما في صفقة شراء اس-400 رغم تعالي الأصوات التي طالبت باتخاذ إجراءات ضد تركيا داخل الكونغرس الأمريكي.
صدر الصورة، KAZUHIRO NOGI
ومن المقرر أن تبدأ تركيا بتركيب أولى بطاريات اس-400 في شهر اكتوبر/تشرين الأول المقبل.
مخاوف
وتقول الإدارة الأمريكية إن الرادار المتطور لمنظومة اس-400 قادر على كشف أسرار طائرة الأمريكية الأحدث والأكثر كلفة في تاريخ الولايات المتحدة.
وتركيا ليست فقط أحد الزبائن المحتملين لهذه المقاتلة، بل تشترك في برنامج إنتاجها أيضا. وتقوم المصانع التركية بإنتاج العديد من قطع الطائرة. كما أن مركز صيانة محركات الطائرة يقع في مدينة أسكي شهير غربي تركيا. وأشار مسؤول أمريكي إلى أن واشنطن تدرس نقل هذا المركز إلى دولة أروبية أخرى.
وفي حال قررت الولايات المتحدة إبعاد تركيا عن برنامج إنتاج هذه الطائرة فسيكون لذلك تداعيات أبعد من وقف تسليمها هذه الطائرة إذ سيؤدي ذلك الى خسارة آلاف فرص العمل وخسارة مادية تقدر بعدة مليارات من الدولارات لتركيا.
لكن ذلك قد يؤدي أيضاً إلى مشاكل في برامج توريد هذه الطائرات للدول التي تعاقدت عليها، فليس من السهل إيجاد بديل للموردين الأتراك خلال فترة قصيرة دون أن يؤدي ذلك إلى تأخير في برامج إنتاجها.
ومن المتوقع أن تشتري تركيا نحو مئة طائرة من هذا الطراز بينما يتدرب نحو 40 طياراً تركياً وطاقم صيانة في الولايات المتحدة إلى جانب نظرائهم الامريكيين على قيادة هذه المقاتلة وصيانتها وشارفوا على انتهاء التدريب.
"كمبيوتر الخصم"
شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك
الحلقات
يستحق الانتباه نهاية
وقالت كاتي ويلبارغر، القائمة بأعمال نائب وزير الدفاع الأمريكي لقضايا الأمن العالمي، إن منظومة اس-400 عبارة عن جهاز كمبيوتر وكذلك الطائرة اف-35 "فلا يمكننا أن نربط كمبيوترنا بكمبيوتر خصمنا وهذا ما سيكون عليه الحال في حال تسليم الطائرات إلى تركيا".
وأضافت "هناك أشياء كثيرة يمكن وقفها" في إشارة إلى إمكانية اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات أخرى في حال مضيها قدماً في صفقة اس-400.
وكانت بعض التقارير والتسريبات تحدثت عن إمكانية شراء تركيا لمنظومة اس-400 لكن دون أن يجري تركيبها ووضعها في الخدمة وذلك كحل وسط قد يرضي الجانب الأمريكي وبالتالي السير قدما في تسليم تركيا طائرات اف-35.
لكن الرئيس التركي استبعد ذلك وقال إن المنظومة الروسية ستدخل الخدمة و لامجال للتراجع عنها لدرجة أنه قال سيكون عملاً لا أخلاقيا لو تراجعت تركيا عن العقد مع الجانب الروسي وأنه "لا يمكن لتركيا أن تتراجع عن كلامها".
صدر الصورة، Sergei Malgavko
عرض أمريكي
وقد زار وفد من وزارة الدفاع الامريكية تركيا قبل أسابيع قليلة وعرض على الجانب التركي منظومة الدفاع الجوية الأمريكية باتريوت كبديل عن المنظومة الروسية لكن لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق بهذا الشأن رغم الإغراءات التي قدمتها واشنطن.
وقال اردوغان إن بلاده مهتمة بشراء باتريوت في حال كان العرض الأمريكي مناسباً إلى جانب المنظومة الروسية. لكن الجانب الأمريكي أكد لتركيا أن العرض مشروط بإلغاء صفقة اس-400 وهو مستبعد تماما، إذ أكد أردوغان أن لا عودة أن الصفقة مع روسيا.
خلافات أوسع
الخلاف بين تركيا والولايات المتحدة يتجاوز موضوع طائرة أف-35 ومنظومة أس-400 بل هذا الخلاف عارض لخلافات أكثر عمقاً وهو سياسي بالدرجة الاولى ويعود لعدة سنوات مضت، ويتفاقم مع مرور الوقت دون أن يتمكن الطرفان من تجاوزها أو تطويقها.
ويبدو أن تركيا في ظل أردوغان باتت أكثر تحرراً في اتباع سياسات أكثر استقلالية وحتى معارضة لتوجهات الولايات المتحدة بعد أن تجاوزت خلافاتها مع روسيا حول سوريا إلى حد بعيد.
ويتجاوز التنسيق بين روسيا وتركيا ملف سوريا إلى تفاهمات واتفاقيات في مجالات الطاقة والتجارة ولا يكاد يمر شهر إلا ويلتقي أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين ووصل التعاون والتقارب بين البلدين إلى درجة أن تركيا العضو في حلف شمالي الأطلسي أجرت مناورات عسكرية مشتركة مع البحرية الروسية في البحر الأسود قبل أيام قليلة.
لا شك أن مواقف تركيا العضو في حلف الناتو في ظل أردوغان باتت موضع تساؤل من قبل الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية وخاصة فيما يتعلق بمبادىء الحلف الموجه أصلاً ضد روسيا.
