الطفل "شنودة" يعيد أزمة التبني للمسيحيين في مصر إلى الواجهة

  • محمد حميدة
  • مراسل بي بي سي نيوز عربي في القاهرة
التعليق على الفيديو، أسرة الطفل المصري "شنودة": الحياة بدون ابننا مستحيلة

صاحت السيدة آمال إبراهيم ميخائيل وهي تتحدث لبي بي سي قائلة "هو هدية من الله، أرسلها لي، وأنا قبلتها"، فقد وجدت طفلا صغيرا في حمام كنيسة "العذراء أم النور" بشمال القاهرة وتوجهت للكاهن لإبلاغه فقال لها "إن الله بعث لك هذا الطفل" وعليه أخذته السيدة التي لم تستطع الإنجاب بعد موافقة الكاهن.

وقالت آمال إنها سجلت الطفل باسم زوجها واسمها في شهادة ميلاد رسمية، بعد أن ذكرت أنه ابنها، وقالت إنها لم تواجه أي مصاعب في تسجيل الطفل باسم "شنودة"، وأضافت أنها لا تدري أنها خالفت أي قوانين، وقالت "أنا أعرف فقط أني ربيت الطفل لأربع سنوات في أحضاني بكل الحب".

أزمة الأسرة بدأت عندما أبلغت إحدى قريبات أسرة آمال السلطات أن بحوزة أسرة آمال طفلا مجهول النسب، وأنه ليس ابنهم حتي لا يرث فيها أو في زوجها.

وحينما توجهت بي بي سي لها بالسؤال عن مدى معرفتها بالقوانين ومخالفتها لها، قالت: أنا لا أعرف شيئا ولا أفهم في القانون، أنا أعرف أني ربيت ولدا في بيتي وتم نزعه مني."

إيداع الطفل دار رعاية واعتباره مسلماً

قالت السيدة آمال إنه بعد بلاغات قدمت للنيابة تم استدعاء زوجها، والذي أقر بأن الولد مجهول النسب، وأنه وزوجته تبرعوا لأخذه من الكنيسة ليتربى في منزلهم، وأكدت آمال أنها حينما أخذت الولد كان الأمر بموافقة كاهن كنيسة العذراء مدينة النور، وبحسن نية منها.

وقالت آمال، إن النيابة لم تتخذ ضدها أي قرارات أو أي عقوبة، معقبة "الحمد لله، هم يعرفون أنني لم أرتكب خطأ، أنا ربيت الطفل في بيئة حسنة".

التعليق على الفيديو، قضية الطفل شنودة: الجدل يتجدد بعد رفض دعوى إعادة الطفل لأسرته

ووضعت السلطات المصرية يدها على الطفل بحكم قضائي صدر منذ عام، وأودعته أحد دور الرعاية، وذلك بعد عدم الاستدلال على أهله، وأصدرت شهادة ميلاد جديدة باسم رباعي جديد وهو يوسف، ودين جديد وهو الإسلام .

ويقول نجيب جبرائيل محامي السيدة آمال لبي بي سي، إن الإجراء الذي اتخذته السلطات المصرية ليس صحيحا، لأن من يتم العثور عليه في دار عبادة "ذمية" يصبح مسيحياً بالتبعية وأوضح أن فقهاء المسلمين قالوا بذلك، مضيفا بأنه تقدم بطعن على قرار السلطات بنزع الطفل من هذه الأسرة.

دينٌ جديد واسم جديد للطفل

قال جبرائيل إنه قام بالطعن على قرار وزارة الداخلية التي غيرت اسم الولد من شنودة إلى يوسف، وكذلك تغيير ديانته من مسيحي إلى مسلم.

بينما يقول هشام القاضي، المحامي بالاستئناف العالي ومجلس الدولة إن الأطفال مجهولي النسب والذين يتم العثور عليهم في أي مكان، يتم إيداعهم بدار للرعاية، وطبقاً للقانون يصبحون مسلمين، وأن الكنيسة كانت تتيح التبني للأسر المسيحية قبل أن يغير البابا شنودة، بطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية السابق، اللوائح لتنضوي تحت قانون الأحوال الشخصية المصري في عام 2008.

أما السيدة آمال فقد أبدت استغرابها من منعها من زيارة الطفل المودع في دارٍ للرعاية وقالت بصوت عالٍ "أسموه يوسف، أنا ابني أصبح عنده تشوش بسبب تغيير عاداته وديانته" مضيفة أن هذا الطفل "لن يضيف إلى الإسلام أو المسيحية شيئا"، راجية أن يعود لها.

كفالة وليس تبني

القانون في مصر يحدد إطارات أخذ الأطفال مجهولي النسب من دور الرعاية، فالقانون يحدد الأمر على أنه كفالة طفل يتيم وليس تبني، طبقا للشريعة الإسلامية التي يستند عليها الدستور المصري، وليس في مقدور الأسرة التي تضم إليها طفل، أن تكتبه باسمها، وهناك إجراءات حاكمة تضعها وزارة التضامن لصلاحية الكفالة بالنسبة لأي أسرة.

ويقول المحامي هشام القاضي إن الكفالة هنا تعطي معنى آخر، وهو ألا يُنسب الطفل للأسرة التي كفلته ولا يرث فيها، لذلك فإن السلطات المصرية تصدر شهادات ميلاد بأسماء رباعية مختلفة عن الأسرة التي تكفله.

وتراعي وزارة التضامن الاجتماعي أن يكون الوضع الأسري مناسب للكفالة، فليس في مقدور رجل أو امرأة يعيشون بمفردهم أن يكفلوا طفلاً، كما يتم البحث عن تاريخ وسمعة الأسرة التي تتقدم للكفالة، ويتم عمل متابعة ميدانية للأطفال المكفولين.

ويقول المحامي جبرائيل إنه يتمني أن يعود الطفل شنودة إلى أمه باعتباره مسيحياً، بينما يشير المحامي هشام القاضي إلى أن الطفل يوسف مسلمٌ طبقاً للقانون، لصعوبة إثبات ديانته على أرض الواقع.