عبد الحميد الدبيبة: من قطاع الأعمال إلى المعترك السياسي والترشح للرئاسة

عبد الحميد الدبيبة

صدر الصورة، Twitter

قدم رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة أوراقه ترشحه للانتخابات الرئاسية في ليبيا، المقرر إجراؤها الشهر المقبل.

وجاء ترشح الديبية، الذي لا يزال على رأس عمله رئيسا للوزراء، على الرغم من وجود مادة في قانون الانتخاب، الذي أقره البرلمان الليبي وسط اعتراضات عليه، تشترط توقف من يشغل منصبا رسميا عن عمله لمدة ثلاثة أشهر قبل موعد الانتخابات إذا كان راغبا بترشيح نفسه.

وبهذا ينضم الدبيبة إلى قائمة أبرز الأسماء التي قررت خوض السباق الانتخابي لرئاسة البلاد.

وتمكن الدبيبة من إحداث تغييرات في الوضع المعيشي للمواطن، منذ أن تولى منصبه في 16 مارس/ آذار الماضي، ضمن سلطة انتقالية مؤقتة مهمتها الأساسية قيادة البلاد إلى الانتخابات.

وقد شكل انتخاب رجل الأعمال البارز رئيسا للحكومة الانتقالية في 5 فبراير/ شباط الماضي مفاجأة للكثيرين، ورأى فيه البعض دليلا على قدرة رأس المال على تجاوز الخنادق والاختلافات السياسية.

فالدبيبة، المهندس المنحدر من أسرة ثرية من رجال الأعمال، سبق أن عمل وتولى إدارة مؤسسات إبان حكم النظام الليبي السابق؛ ووصفه البعض بأنه كان من المقربين من العقيد معمر القذافي، لكنه تمكن من المحافظة على أعماله ونشاطاته التجارية في أعقاب إسقاط نظام القذافي، وبنى مجموعة تجارية لها فروع في مختلف أنحاء العالم.

وجاء انتخاب الدبيبة في ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي عقد في سويسرا برعاية الأمم المتحدة، حيث كان من بين 75 شخصية ليبية شاركت في جلسات الحوار والمفاوضات السياسية طوال الأشهر التي سبقت انتخابه.

وقد حسمت قائمته التنافس بحصولها على 39 صوتا من مجموع 73 صوتا، في حين ضمت القائمة الخاسرة رئيس برلمان الشرق عقيلة صالح، ووزير الداخلية القوي في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا، الذي كان الكثير من التكهنات يرى أنه الأوفر حظوظا.

فمن هو عبد الحميد الدبيبة وما قصة انتقاله من عالم الأعمال إلى دهاليز السياسة ووصوله إلى منصب رئيس الحكومة الانتقالية في ليبيا ومن ثم ترشحه للانتخابات الرئاسية؟

من قطاع الأعمال إلى السياسة

ينحدر الدبيبة من مدينة مصراتة الواقعة على الساحل الليبي على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة طرابلس. فقد ولد فيها عام 1959 في أسرة يعمل الكثير من أبنائها في التجارة وقطاع الأعمال.

وتوصف مصراتة بأنها ثالث أكبر المدن الليبية وكانت تاريخيا في مفترق طرق التجارة عبر الصحراء والتجارة البحرية في المتوسط، كما كان لها دورها في التاريخ الليبي المعاصر؛ إذ تولى العديد من أبنائها مناصب سياسية واقتصادية مهمة في الحكومات الليبية المتعاقبة منذ استقلال البلاد في عام 1951.

الفرقاء السياسيون في ليبيا أثناء الاتفاق

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، جاء انتخاب الدبيبة في ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي عقد في سويسرا برعاية الأمم المتحدة

وكانت عائلة الدبيبة واحدة من العائلات التي استفادت كثيرا من فورة المشاريع الصناعية والاقتصادية التي شهدتها المدينة، في أعقاب الفورة النفطية وارتفاع أسعار النفط إبان حكم نظام معمر القذافي.

وقد دخل الدبيبة العمل في قطاع البناء والمقاولات، وبنى أسس ثروته منها في هذه المرحلة إلى جانب ابن عمه علي الدبيبة، وتدور بعض الشكوك بشأن ثروتيهما إذ تشير تقارير إلى أن "تحقيقات قد فتحت بحقهما في ليبيا ودول أخرى بتهم تتعلق بالاختلاس".

درس دبيبة تقنيات التخطيط والبناء في جامعة تورنتو الكندية وتخرج منها حاملا شهادة الماجستير في هذا التخصص.

وتولى عددا من المناصب الرسمية في فترة حكم القذافي من بينها إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار الحكومية، وأشرف على عدد من مشاريع البناء فيها؛ من بينها بناء مشروع ألف مسكن في مدينة سرت، مسقط رأس القذافي.

كما ترأس جهاز تنمية وتطوير المراكز الإدارية، وهي هيئة استثمارية حكومية مكلفة بتحديث البنى التحتية للمؤسسات الليبية.

عبد الحميد الدبيبة

صدر الصورة، Getty Images

منهاج طموح

وبعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام العقيد القذافي في عام 2011، حاول الدبيبة دخول الساحة السياسية، فأسس حركة "ليبيا المستقبل" التي ظل حضورها متواضعا في الشارع السياسي.

لكنه واصل نشاطه التجاري وظل يرأس مجلس إدارة الشركة الليبية للتنمية والاستثمار القابضة (لدكو).

وعلى الصعيد الشخصي هو متزوج وأب لستة أبناء.

وقد وصفته وكالة فرانس برس بأنه يتمتع بعلاقات قوية مع تركيا ومع جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا.

و قدم الدبيبة في كلمته أمام ملتقى الحوار الوطني، وفي تصريحاته بعد انتخابه منهاجا طموحا لحكومته خلال الفترة الانتقالية، والمنوط بها تنظيم انتخابات عامة في البلاد بحلول نهاية العام الحالي.

فشدد على ضرورة المصالحة الوطنية، واشتراك الجميع في بناء ليبيا الجديدة من دون أي إقصاء، وأشار إلى أنه سينشئ وزارة خاصة للمصالحة الوطنية، وإلى أنه سيعمل على حصر السلاح في أيدي الدولة وتقسيم البلاد إلى مناطق أمنية، وعلى أن تكون الأجهزة الأمنية مهنيّة صرف.

كما تعهد بحلّ مشكلة الانقطاع المتواصل في شبكات الطاقة الكهربائية في البلاد خلال ستة أشهر.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تعهد بالعمل على إعادة المستثمرين الأجانب الذين هجروا ليبيا إثر تردي الوضع الأمني فيها، وخلق وظائف للشباب لا تكون بالضرورة في الجيش والشرطة، فضلا عن تقليص الفوارق بين مرتبات الموظفين.

وكان الدبيبة قد انتقد مجلس النواب، واتهمه بأنه قام بإصدار قوانين انتخابية "غير توافقية"، قد تتسبب في مشكلة كبيرة للعملية الانتخابية بعد أن أقر المجلس قوانين انتخابية تمنع بعض موادها الدبيبة من الترشح للانتخابات الرئاسية، مقابل مواد أخرى تسمح للقائد العسكري خليفة حفتر، ورئيس برلمان شرق ليبيا عقيلة صالح بالترشح.